أمر الجهاد أمر عظيم يترتب عليه أمورٌ عِظام، وقد تَخبط فيه الناس اليوم تَخَبُّطاً كثِيراً تبعاً لأهوائهم، فبعضهم قَلَبَهُ فساداً وطغياناً وسفكاً لدماء المُسلمين كالقاعدة وداعش وأمثالهما، والبعض حرفه حتى حصره في الدفاع فقط والبعض استفز العدو الكافر وسلطه على رقاب المسلمين باسم الجهاد.

والحق أن الجهاد في الشرع مَرَّ بمراحل، كل مرحلة تناسب حالاً من أحوال المسلمين:

المرحلة الأولى

الكف عن القتال والمنع منه ، مرحلة العهد المكي مكث النبي ﷺ في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى التوحيد، ولم يؤمر بالقتال، إنما كان يؤمر بجهاد الدعوة بالحجة ، قال الله تعالى:

﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ ﴾

[سورة الحجر: الآية 94]

وقال سبحانه: ﴿وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا﴾

[سورة التغابن: الآية 14]

وقال سبحانه: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ﴾

[سورة البقرة: الآية 109]

المرحلة الثانية

مرحلة قتال من قاتل المسلمين، والكف عمن لم يقاتلهم، قال تعالى:

﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا﴾

[سورة البقرة: الآية 190]

المرحلة الثالثة

مرحلة قتال كل الكفار لرفع العقبات أمام دعوة الحق حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، قال تعالى:

﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾

[سورة التوبة: الآية 29]

إذاً

المرحلة الأولى

مرحلة ضعف المسلمين وعدم وجود قدرة عندهم حتى على الدفاع عن النفس.

المرحلة الثانية

مرحلة وجود قدرة عند المسلمين على الدفاع عن النفس وصد العدو لا أكثر.

المرحلة الثالثة

مرحلة القوة على الهجوم.

  • واليوم المسلمون في حال ضعف تارة يكونون في المرحلة الأولى وتارة في الثانية.
  • العلماء يقدرون حال المسلمين ويفتون بناء على ذلك كل بناء على ما يظهر له من تقدير قوة المسلمين وضعفهم، ولا يفتي عالم ناصح المسلمين بقتال عدو كافر قوي ولا قدرة عندهم على ذلك لأن المفسدة عليهم ستكون كبيرة جداً في دينهم وأنفسهم وأموالهم، إنما يفعل ذلك من له مصالح إما شخصية أو حزبية ويتخذ الدين سُلَّما لذلك ولا يهمه ما سيصيب المسلمين من مصائب.

والله المستعان.