يُرَوِّج بعض الناس مقاطع فيها حث على اغتنام ليلة النصف من شعبان والاجتهاد في العبادة فيها، ولا شك أن هذا خطأ عظيم، فليس في تخصيصها بعمل حديث صحيح، ولا حديث ضعيف يرى بعض العلماء أنه يؤخذ به في فضائل الأعمال ، ولا حديث ضعيف يمكن تقويته، بل أغلب ما ورد في هذا الباب موضوع مكذوب بلا شك، وقليلٌ منها ضعيف جداً كاد أن يبلغ في الضعف منتهاه، ولم يكن النبي ﷺ يلتفت إليها بعمل خاص ولا الصحابة رضوان الله عليهم، وكل ما ذُكِر من أنها أفضل ليلة بعد ليلة القدر لا أصل له، وإنما أحدث هذا جماعة ممن لا خُبر لهم بالحديث، وقد قيل إنه دخل عليهم من الإسرائيليات، وأنكر ذلك أكثر العلماء المتقدمين وذكروا أنه بدعة، وهو كذلك بلاشك، فالاحتفال أو الاحتفاء بليلة النصف من شعبان بدعة، وتخصيصها بصلاة كالصلاة التي تسمى بالألفية بدعة، وتخصيصها بقراءة معينة أو دعاء معين بدعة، والمشروع للمؤمن في هذه الليلة أن يتقرب إلى الله بما يتقرب به في سائر الليالي دون زيادة، مع الحرص على السلامة من الشرك والسلامة من البدع، والحرص على لزوم الجماعة وعدم مفارقتها، وهذا فرض العمر كله وليس في هذه الليلة فقط، وكذلك الحرص على عدم التهاجر بين المسلمين من أجل الدنيا فوق ثلاث وهذا واجب على المؤمن في سائر أيامه ولياليه.
أخي المؤمن أختي المؤمنة هذا الحق بلاشك فالزم حتى تغنم وعض عليه بالنواجذ وإياك ومحدثات الأمور.
في ظل هذه الأحداث المريرة كثير من الناس يرددون كلام الخوارج وهم لايعلمون وينهجون منهج الخوارج الذين حذر منهم النبي ﷺ وأخبر أنهم شر الخلق والخليقة، وهم لا يشعرون وكثير من الناس يسبون رسول الله ﷺ وهم لايدركون وذلك بِسبِّهم لمن يقول بالسمع والطاعة لولي الأمر في غير معصية الله والذي قال ذلك في الحقيقة رسول الله ﷺ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ، قال: “على المرء المسلم السمعُ والطاعة فيما أَحَبّ وكَرِه، إلا أن يؤمر بمعصيةٍ، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة” [متفقٌ عليه]، وعنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: “من خلع يداً من طاعةٍ؛ لقي الله يوم القيامة ولا حُجة لهُ، ومن مات وليس في عُنقه بيعةٌ مات ميتة جاهلية” [رواه مسلم]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “عليك السمع والطاعةُ في عسرِك ويُسرك ومنشطك ومكرهك وأثرهٍ عليك” [رواه مسلم]
الدنيا دول، والحرب سجال، والدولة لهم، ونحن لا ننسى، فليفعلوا اليوم ما شاءوا، فلنا يوم كما وعدنا ربنا، ووعد الله حق.
اصبروا أيها المسلمون فما هي إلا أيام وتنقضي، ويصطفي الله من يشاء من عباده، ويبتلي، ونحن مأمورون بالصبر إلى أن يأتي الفرج من عنده، ولا تأملوا النصر من غيره.
ونَصرُه لنا معلق بنصرِنا له، فانصروه فإن تنصروه ينصركم، انصروه بالرجوع إلى دينكم ونصر دينه وإقامته في الأرض، دينه الذي ابتعدتم عنه كثيراً إلا من رحم الله.
فسبب النصر بأيديكم، ولكن أقولها صراحة أكثرنا يريد نصرا على هواه، لا يريد هذه الطريقة لأنها تمنعه من ملذاته وشهواته.
ليست الشجاعة في الكلام دائماً، وليست الحكمة في السكوت دائماً، فرحم الله من تكلم بعلم ابتغاء ماعند الله، ومن سكت بحكمة ابتغاء ماعند الله.
يحاولون أن يظهرونا واقفين ضد إخواننا في غزة ، وهم والله كاذبون، فنحن نحب إخواننا في غزة وفي فلسطين كلها حباً كبيراً صادقاً ، وننصرهم نصراً صحيحاً، ونحث حثاً شديداً على نصرتهم، ونتألم لألمهم فوالله لجرح أحدهم أحس بألمه في جسدي وموت طفل لهم يمزق قلبي تمزيقاً وأرجو له الشهادة وأبكي لبكائهم، وأعتز بثباتهم، وأرى من واجبي في نصرتهم ومن الواجب علي تجاه المسلمين والمسلمات أن أبين المشروع والممنوع في هذه الأحداث راجياً ما عند الله وإلا فالدنيا واكتساب الجماهيرية ليست في الطريق الذي أسلكه.
اللهم اجعلني رحمة على المؤمنين والمؤمنات وغصة في حلق كل من يخالف الحق واجعلني ناصحا كل مؤمن يمكنني نصحه بالطرق المشروعة.
لا حق لك في أن يكون لك رأي في أي مسألة شرعية، هذا جهاد أم ليس جهاداً، وذاك شهيد أم ليس شهيداً، وهذا واجب وذاك حرام، هذا حقٌ خص الله به علماء الشريعة، فلا يجوز لك أن تقول يجوز أو لا يجوز إلا بالرجوع إلى علماء السنة الذين يفتون بما يرضي الله ولا يتبعون أهواءهم وأهواء الناس، والعلماء الربانيون إذا تكلموا تكلموا بعلم وإذا سكتوا سكتوا بعلم، فلا تحكم عليهم بجهلك العميق، واعلم أنهم علموا ما لم تعلم لذلك سكتوا أو تكلموا.
أحسن الظن بالعلماء الذين يستحقون ذلك، الذين عُلم عنهم التقوى والصلاح والتقيد بالكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح رضي الله عنهم، وأسئ الظن بنفسك واعرف قدرها، لا تشارك من رق دينه وهان عليه وعرض نفسه لسخط الله ممن يتساهل في هذا على مواقع التواصل الاجتماعي، قال تعالى: ﴿وَلا تَقفُ ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنهُ مَسئولًا﴾ [الإسراء: ٣٦]، وقال: ﴿وَإِذا جاءَهُم أَمرٌ مِنَ الأَمنِ أَوِ الخَوفِ أَذاعوا بِهِ وَلَو رَدّوهُ إِلَى الرَّسولِ وَإِلى أُولِي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذينَ يَستَنبِطونَهُ مِنهُم وَلَولا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ لَاتَّبَعتُمُ الشَّيطانَ إِلّا قَليلًا﴾ [النساء: ٨٣]